نُصبح أكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب والمشكلات النفسيّة مع وجود أشخاص في حياتنا يميلون للتعامل مع الأمور بسلبيّةٍ شديدة، أو بوجود أولئك الذين يحاولون مرارًا وتكرارًا التقليل من شأننا وقيمة أحلامنا وطبيعة حياتنا وعدم الاكتراث للمشاعر السلبيّة التي يتسبّبون في إثارتها، علينا حقيقةً تمييز هؤلاء الأشخاص، والحرص على التخلص من تواجدهم في حياتنا، ومنعهم من التأثير علينا وإعاقة تقدمنا وسير حياتنا ونجاحاتنا، فما هي العلاقات السامة؟ وكيف يمكن التعرف عليها؟ وما تأثيرها على حياتنا؟ كل هذا وأكثر سنتعرف عليه في تفاصيل هذا المقال.
ما المقصود بالعلاقات السامة؟
تُعرف العلاقة السامة بأنها العلاقة التي تتميّز بوجود سلوكيّات من الطرف الآخر تجعلك مُستنزفًا وحزينًا ومُكتئبًا، كسلوكيات التحكّم والسيطرة، وتقليل الاحترام، وعدم الصدق، وعدم تقديم الدعم، وتعدّ العلاقات السامة من المشكلات الشائعة بين الأفراد والتي غالبًا ما تكون آثارها مدمّرة، وقد يصعب التعامل مع مثل هذه العلاقات بسبب تعقيدها، وتأثير العوامل الماديّة والعاطفيّة والاجتماعيّة عليها.
ما مفهوم العلاقات العاطفيّة السامة؟
العلاقات العاطفيّة السامة هي تلك العلاقات المضرّة، والتي قد يتخلّلها اعتداءات جسديّة، وخيانات متكرّرة، والميل للسلوك الجنسيّ غير اللّائق، وقد يكون من الصعب اكتشاف بعض خفاياها الأخرى، وقد تنطوي العلاقة أيضًا على اتباع سلوك غير محترم أو غير صادق أو مسيطر في كثيرٍ من الأحيان، وتبدأ هذه العلاقة تؤثر على صحتك العقليّة.
ما هي العلاقات السامة في الأسرة؟
تعدّ جميع العلاقات المُسيئة سامّة، وقد تظهر العلاقة السّامة في الأسرة على صورة:
- عنف جسدي أو الجنسي.
- عنف لفظي أو اقتصادي.
- شتائم.
- إذلال وإلقاء التهديدات.
وتتميز هذه الأنواع من العلاقات عادةً بسلوكيات التملك والسيطرة.
لماذا يصعب ترك علاقة سامة؟
بعض العلاقات السامة يصعب الخروج منها، وقد يعود ذلك إلى وجود أسباب عِدّة، منها:
– الخوف، فقد يكون أحد الشريكين شديد التلاعب بشريكه الآخر، كأن يستخدم توجيه التهديدات الجسديّة أو العاطفيّة أو الماليّة إذا تحدث الشخص الآخر عن المغادرة، ونتيجةً لذلك، قد تخشى الضحية ترك شريكها.
– وجود الأطفال، بالنسبة للأزواج الذين لديهم أطفال مشتركين معًا، قد يكون من الصعب جدًّا مغادرة العلاقة بسبب ما قد يخلفه الانفصال من أثر سلبيّ على نفسيّة الأطفال وسلامة تربيتهم.
– الحب: قد تكون هناك مشاعر حب متبقية تجعل شخصًا ما مستمرًا في علاقة مؤذية.
– الشؤون المالية، إذا كان أحد الشركاء معتمدًا على الآخر في توفير مصدر دخل مادّي، قد يؤدي ذلك إلى تعقيد الأمور التي تساعده على إنهاء العلاقة.
– الإحساس بالعار، إذْ يخفي الكثير من الناس طبيعة علاقاتهم عن أصدقائهم وعائلاتهم ومعارفهم كونهم يخجلون من طلب المساعدة، ونتيجةً لذلك، فإنهم يعانون بصمت، وقد يلجؤون لتعاطي المخدّرات أو الكحول من أجل التخفيف عن أنفسهم، مما يؤدي إلى تفاقم المشكلة والتبعات السلبيّة لاستمرار هذه العلاقة.
– الاعتماد المتبادل، قد يكون من الصعب التحرر من العلاقة غير المتوازنة حيث يعطي أحد الشركاء باستمرار والآخر يأخذ على الدوام.
قد يكون من الصعب رؤية طريق الخروج من العلاقة السامة في حال استمرّت هذه العلاقة لفترة طويلة، بل وربما يشعر الشخص أيضًا بأنه سبب المشكلة، إذ أنّه من الشائع أن يشعر المجنيّ عليه بأنّه الجاني والمسؤول عن المشكلة، وأنّه مذنبٌ في حال قرّر قطع هذه العلاقة.
ما الخصائص المشتركة بين العلاقات غير الصحيّة؟
تختلف كل علاقة سامّة عن الأخرى، ومع ذلك ثمّة مجموعة من الصفات المهمة التي تتّسم بها تقريبًا جميع العلاقات غير الصحية، إذ تُسهم هذه العلاقات في تعزيز مشاعر التوتر والقلق والدخول في الصراع، ويمكن أن ينطبق هذا على العلاقات الرومانسيّة، وقد تتأثر أيضًا أنواع العلاقات الأخرى بالأنماط غير الصحية، بما في ذلك علاقاتك مع أفراد الأسرة والأصدقاء وزملاء العمل.
وفي الآتي يمكنك معرفة أهم سمات العلاقات غير الصحيّة:
– التحكّم، فقد يحاول أحد الأطراف في العلاقات غير الصحية السيطرة على حياة الشخص الآخر، وقد يتم ذلك من خلال التخويف، ولكن يمكن أن يشمل التحكّم أيضًا أنواعًا أخرى من التلاعب بالطرف الآخر.
– عدم الثقة، غالبًا ما تتميز العلاقات غير الصحية بانعدام الثقة، فقد تشعر أنه يتعين عليك إخفاء الأشياء عن شريكك، أو قد تشعر غالبًا أنه يخفي أشياءً عنك.
– عدم الاحترام، يمكن أن يتخذ عدم الاحترام أشكالًا عِدّة في العلاقات غير الصحيّة، ففي بعض الأحيان قد يعني ذلك تجاهل الطرف الآخر، أو السخرية الصريحة منه، أو السخرية من آرائه أو اهتماماته، وغالبًا ما يكون عدم الاحترام هذا بمثابة رفض صريح قد يُثير الشعور بالذنب والوحدة والإحراج والقلق الاجتماعي.
– ضعف التواصل، إذ يُعرف بأنّ التواصل الجيد هو حجر الأساس في أي علاقة صحية، وغالبًا ما تتميز العلاقات غير الصحية بأنماط من التواصل غير الفعالة، وقد يتضمن ذلك عدم الحديث عن المشكلات، أو تجنب التعامل مع المشكلات الصعبة، أو توقُّع أن يكون الطرف الآخر قارئًا للأفكار أو غير مستمعًا، أو اتخاذ موقف دفاعيّ باستمرار، أو المماطلة لتجنب مواجهة المشكلات في العلاقة.
– سمات أخرى، منها:
- الخيانة.
- كثرة اللوم.
- التنمر.
- الميل للدراما.
- سوء المعاملة العاطفية.
- الخوف.
- التلاعب بالعقول.
- الشعور بالذنب.
- تولّد العداء.
- التخويف.
- العزل.
- الغيرة.
- الشعور بالوحدة.
- السلبية.
- حدوث الاعتداء الجسدي.
- السخرية.
- الضغط النفسيّ.
- التعاسة والحزن.
- الاعتداء اللّفظي.
كيف تترك علاقة سامة؟
قد يكون إنهاء علاقة سامّة أمرًا معقدًا وصعبًا بالفعل، ولكن اعلم أنّه كلما تركت علاقة سامة في وقتٍ مبكّر أكثر كلما كان ذلك أفضل، وعمومًا فيما يلي بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لترك علاقة مؤذية وسامّة:
– أمّن نفسك، أي ضع خطة يمكنك من خلالها معرفة كيفية التعامل مع الانتقال وترك هذه العلاقة، اسأل نفسك، أين ستبقى؟ ما هي الممتلكات التي ستحتاج إلى إحضارها معك؟ لا تفعل هذا عشوائيًّا، فهذه العمليّة يجب أن تكون مدروسة جيدًا.
– حدد هدفًا لتكون مستقلًّا وغير معتمدًا على غيرك.
– أخبر أحد المقربين، فلا مزيد من الأسرار، ثق بأحد أفراد العائلة أو الأصدقاء حتى يتمكنوا من تقديم المساعدة لك، ولا تتردّد في إبلاغ السلطات في حال شعرت بالتهديد وكنت بحاجة للمساعدة.
– اطلب المساعدة المهنيّة، إذ يستغرق الخروج من علاقة سامة والتعافي منها جهدًا ووقتًا طويلًا، لذلك تواصل مع مجموعات الدعم أو المستشارين الذين لديهم خبرة في قضايا العلاقات، إذ يمكن للمعالج أن يكون مصدرًا رائعًا لمساعدتك.
– امتنع عن التحدث مع شريكك عندما تتخذ قرارًا بشأن تركه، واعلم بأنّ الشخص السام غالبًا ما يكون شديد المكر ولديه القدرة على استخدام الابتزاز العاطفي لإغرائك وإعادتك للعلاقة مرة أخرى.
– ركّز على نفسك، إذ قد يكون وجودك في علاقة سامة سببًا في تقليل احترامك لذاتك واهتمامك بصحتك النفسية، لذلك خذ وقتك حتى تتمكّن من مساعدة نفسك على التعافي، وابدأ بتخصيص الوقت لممارسة الهوايات، والعمل على مشروع خاص بك، كما أنّه من الجيّد أن تنطلق في تلك الرحلة التي طالما رغبت القيام بها.
– اعلم أنك تستحق الأفضل وأنك تعني الكثير، فقد تشعر بالضعف بسبب تعرّضك للإيذاء اللفظي أو سماع الكلام المُحبط والمُهين فترات طويلة، وقد تبدأ في تصديق ذلك الكلام، ولكن يتوجب عليك في هذه الحالة تعزيز احترامك لذاتك وتقديرها، وإخبار نفسك على الدوام بأنّك تستحقّ الأفضل
- أحط نفسك بالإيجابيّة، ويمكنك تحقيق ذلك بـ:
- قضاء الوقت مع الأشخاص الذين يجعلونك تشعر بالرضا.
- تناول وجبتك المفضّلة.
- محاولة الانخراط في مجتمع دينيّ.
- البدء بممارسة الرياضة.
- فعل الأشياء التي تجعلك تبتسم.
- امنح نفسك الوقت الكافي للتعافي والشفاء، فالعلاقات السامّة قد تتسبّب في توليد ضغوطات نفسيّة لا حصر لها.
كيف تغيّر العلاقة غير الصحية؟
لتبدأ بتغيير نمط العلاقة غير الصحيّة يمكنك الأخذ بمجموعة من النصائح:
– قرّر ما إذا كانت العلاقة قابلة للإصلاح أو لا؛ لمعالجة الضّرر والمضي قدمًا في الحياة بطريقة سليمة، لذلك من الضروري التأكد من اتفاقك أنت والطرف الآخر على تحسين العلاقة وإصلاح الخلل فيها، فعندما يكون الشخص غير راغبٍ في تغيير سلوكه غير الصحيّ، فمن المحتمل ألا تكون العلاقة قابلة للإنقاذ.
– حافظ على الاعتماد المتبادل بينكما، إذ يفهم الأشخاص المترابطون فائدة التمكّن من اللجوء للشريك عند حاجتهم للدعم، وفي الوقت ذاته، هم قادرون على الاحتفاظ بشعورهم بالذات في نطاق خارج علاقتهم مع الشركاء.
– حاول بناء تواصل صحي مع الطرف الآخر، إذ يعدّ بناء تواصل صحيّ معه خطوة أساسية تُفيد في التغلب على العلاقة غير الصحيّة، فبمجرد معرفة الأنماط غير الصحية أو السامة التي أضرت بعلاقتك العاطفية، يمكنك حينها العمل مع شريكك للتغلب على هذه الأنماط وبناء تواصل ودعم سليم بينكما، ويمكنك القيام بذلك باتباع الخطوات التالية:
– العمل معًا للتعرف على الأنماط غير الصحية في علاقتك وتجنبها.
– ضع قائمة تضمّ الاحتياجات العاطفية التي تهمّك، فلا يمكنك أن تتوقع أن يفي شريكك باحتياجات عاطفية لم توضحها له.
– قدم الدعم العاطفي لشريكك من أجل إقامة اتصال عاطفي بينكما، يجب أن يكون كلاكما على استعداد لتقديم الدعم العاطفي بطريقة إيجابية بعيدة عن الشعور بالذنب أو التلاعب.
– كن مستمعًا جيدًا عندما يتحدث شريكك، إذ يعد الاتصال اللفظي جزءًا مهمًّا من التواصل العاطفي، لذا تأكد من أنك شخص داعم وتعزز هذه الروابط من خلال محادثة هادفة تُظهر الاهتمام العاطفي والتفاهم.
– تجنب التلاعب العاطفي لإجبار الطرف الآخر على القيام بشيء لا يريد القيام به، فهذا لن يؤدي إلا إلى إلحاق المزيد من الضرر بعلاقتكما وتقليل التواصل العاطفي بينكما.
استراتيجيات أخرى قد تساعد على إنقاذ العلاقة:
- حافظ على حدود صحية بينك وبين الشريك.
- ضع أهدافًا شخصية واستمر في متابعتها.
- تجنب التقليل من شأن نفسك لإرضاء الآخرين.
- حاول أن تكون دائمًا على سجيّتك.
- اقضِ وقتًا في التعرف على ما تحبه، وما هو مهم بالنسبة لك.
- توقع من الآخرين معاملتك باحترام، واحرص على إظهار الاحترام لهم.
- حافظ على علاقاتك مع الآخرين خارج حدود علاقتك مع الشريك.
متى تطلب المساعدة؟
قد تكون بحاجة لمراجعة الأخصائي النفسي وطلب المساعدة في حال كانت المشكلة في علاقتك مع الشريك يصعب عليك التعامل معها وحدك، أو أنّ الطرف الآخر لا يسعى جاهدًا لإنجاح العلاقة كما أنت تريد، إذ يساعد أخصائي الصحة النفسية على اكتساب مهارات التعامل السليم مع العلاقة غير الصحية، وتطوير المهارات التي يمكن أن تساعد على التعامل مع الصراع بشكل أكثر فعالية.
يجب التأكيد على أنّ تجنب الخلاف كليًّا في العلاقات العاطفية غير ممكن أو حتى أنّه غير مستحسن، فحتى العلاقات الصحية تعاني من الخلاف والصراع، ومفتاح الحلّ يكمن بمعرفة كيفية التعامل مع النزاعات بشكلٍ فعال.
وأخيرًا، تذكّر بأنّ العلاقة السامة يسيطر عليها عدم الاحترام أو انعدام الثقة والتحكّم وعدم توفّر الدعم النفسيّ، ويترتّب على ذلك شعورك بالحزن والتعب والتعاسة دائمًا، وهذه الإشارات تُنذر بضرورة التغيير واتخاذ خطوات جذريّة تهدف إلى إنجاح العلاقة أو إنهائها في حال لم يكن هناك أمل في إنجاحها، وتذكر دائمًا بأنّك تستحق الأفضل، فلا تقبل بعيش حياة تُعرّضك للأذى النفسي، وكن أكثر وعيًا في تعاملك مع شريكك، ولا تتردّد في طلب المساعدة عند حاجتك لها.
*** تمت الكتابة والتدقيق من قبل فريق المحتوى.
المراجع: