الخطل النومي (Parasomnia) 

قد ينتابك شعور بالانزعاج والارتباك عندما تستيقظ وتجد نفسك في مكانٍ غريب، أو عندما تستيقظ وأنت في صدد القيام بشئ معين لم تنوي القيام به، أو حين تراودك الكوابيس باستمرار بحيث تجعل نومك صعبًا، اضطرابات النوم أو ما يعرف بالخطل النوميّ تؤثر في الكثيرين، وفي هذا المقال نبذة عنه.

ما هو الخطل النومي؟ 

الخطل النومي أو الباراسومنيا (Parasomnia)، هو عبارة عن مجموعة من اضطرابات النوم التي تظهر على صورة سلوكيات غير طبيعيّة وغير مرغوبة تؤثر على جودة النوم، كالسير خلال النوم، والمعاناة من الكوابيس، وشلل النوم، والتحدث أثناء النوم، وقد تحدث هذه الاضطرابات في أي مرحلة من مراحل النوم.

قد يعتقد الأشخاص المحيطين بمن يعاني الخطل النومي أنّه مستيقظ ومدرك لما يحصل، ولكنه في حقيقة الأمر يكون فاقدًا للوعي ولا يعلم ما يدور حوله، ويحتاج في كثيرٍ من الأحيان للرعاية والانتباه، ويذكر بأنّ الباراسومنيا تؤثر في الأطفال والبالغين على حدٍّ سواء، ولكنّها أكثر شيوعًا بين الأطفال، وتتحسّن بمرور الوقت مع نموّهم.

ما هي أنواع الخطل النومي؟ تُقسم اضطرابات الخطل النومي إلى مجموعتين، مجموعة اضطرابات تحدث في مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM sleep)، واضطرابات تحدث خلال مرحلة نوم حركة العين غير السريعة (NREM sleep)، وفي الجدول الآتي توضيح الفرق بين المرحلتين:

الخطل النومي في مرحلة نوم حركة العين غير السريعة

من أبرز اضطرابات النوم (الخطل النومي) المصاحب لهذه المرحلة:

– السير أثناء النوم: وفيه ينهض الشخص من السرير أثناء النوم ويتمشى في الأرجاء، وقد تكون عيناه مفتوحتان، بل ويمكنه أحيانًا التكلّم أو القيام بأنشطة روتينيّة معقدة، مثل: إعداد الطعام أو تحريك الأثاث أو القيادة، وغالبًا ما يحدث السير أثناء النوم في وقتٍ مبكر من الليل أو خلال قيلولة النهار، وقد يكون هذا الاضطراب خطِرًا بسبب عدم إدراك الشخص لما يحيط من حوله، وقد يصيبه الارتباك والتشويش في حال استيقظ في منتصف الحدث.

صرير الأسنان أثناء النوم: الضغط على الأسنان أثناء النوم تعدّ من الاضطرابات التي قد ينجم عنها لاحقًا مشكلات عِدة، مثل: الصداع، وألم الأذنين، وألم عظام الفك والوجه والرقبة، ومشاكل الأسنان.

الإثارة المشوشة أو التيقظ (Arousals) المرتبك: هي استيقاظ الشخص جزئيًّا في حالة من الارتباك الشديد بشأن الزمان والمكان، أو الأفعال التي يقوم بها، وقد تستمر الحالة من بضع دقائق إلى عِدّة ساعات، وقد يصاحبها سلوكيات أخرى، مثل: البقاء في السرير والجلوس، والبكاء، وبطء الكلام وردّ الفعل، وضعف الذاكرة والتنسيق، ويُعد هذا الاضطراب شائعًا عند الأطفال، ولكنّه غالبًا ما يتحسّن عندما يكبرون أكثر.

الرعب أثناء النوم (رهاب الليل): يصيب هذا الاضطراب الأطفال بصورة أكبر، وفيه يستيقظ الشخص من النوم خلال الثلث الأول من الليل في حالة من الذعر والخوف، قد تستمر من 30 ثانية إلى عدة دقائق، وبعد ذلك غالبًا ما يعود للنوم، ولا يتذكر شيئًا ممّا حدث أثناء نومه، وقد يصاحب رهاب الليل أعراض مختلفة، مثل: الصراخ أو البكاء، وتسارع نبضات القلب، وزيادة سرعة التنفس، وكثرة التعرق، واتساع حدقة العين.

اضطراب الأكل المرتبط بالنوم: هو توجّه الشخص نحو الأكل أو الشرب بينما يكون مستيقظًا جزئيًّا، ويمكن أن يتناول مشروبات أو أطعمة بطريقة غريبة، أو يصل به الأمر إلى حد تناول أطعمة سامّة أو غير صالحة للأكل، كاللحوم غير المطبوخة، وفي هذه الحالة يصبح الأمر مصدرًا للخطورة.

الخطل النومي في مرحلة نوم حركة العين السريعة

كما تحدثنا سابقًا، خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة تسترخي عضلات الجسم ممّا يمنع الاستجابة للأحلام الواضحة، ولكن قد تؤدي بعض العوامل إلى تفاعل الجسم مع بعض الأحلام خصوصًا المخيفة أو العنيفة، مثل: المشاكل الصحية العصبيّة أو الدماغية، وتأثير الجنس والعمر، فيتذكر الشخص حلمه بوضوح، أو يبدأ بالصراخ، أو التحدث أو الشتم أو الضحك، وعمومًا، تتضمن الاضطرابات التي قد ترافق مرحلة نوم العين السريعة ما يلي:

– الكوابيس: وهي الأحلام الواضحة والمزعجة، والتي تُثير القلق أو الخوف والرعب أو الغضب، أمّا اضطراب الكوابيس، فهو الحالة التي يصاحبها تكرار حدوث الكوابيس بطريقة تؤثر على النوم، ويذكر بأنّ الإجهاد النفسيّ والتعب الشديد قد يزيد من فرصة الإصابة باضطراب الكوابيس.

شلل النوم: يحدث شلل النوم عادةً قبل الدخول في مرحلة النوم العميق أو فور الاستيقاظ من النوم، ويعاني فيه الشخص من شلل العضلات الذي يؤثر على الكلام أو الحركة، وقد تبدأ في الأثناء أحلام اليقظة أو الهلوسات، ويمكن أن تنتهي تلقائيًّا بعد استمرارها من بضع ثوانٍ إلى دقائق، أو عند التحرك أو التحدث أو التعرّض للّمس.

اضطراب نوم حركة العين السريعة السلوكي (Rapid eye movement sleep behavior disorder)‏: وفي هذه الحالة يدخل الشخص في مرحلة حركة النوم السريعة ولا يحدث لجسده شلل مؤقت أو يكون الشلل غير مكتملًا، وما يحفّز ذلك الإحساس بالخوف أو التعرّض للعنف أو غيره، ويمكن إيقاظ الشخص بسهولة خلال هذه الحالة وعند استيقاظه يتذكر الحلم.

أنواع أخرى من الخطل النومي

– التبول اللاإرادي (سلس البول الليلي): وهو التبول اللاإرادي المتكرّر الذي يحدث أثناء النوم، ويُصيب الأطفال من عمر خمس سنوات فما فوق، ويشخّصه الطبيب في حال تكرّر مرتين أسبوعيًّا ولمدّة 3 شهور على الأقل. 

– متلازمة الرأس المنفجر (Exploding head syndrome): وهو تخيل وجود ضوضاء مرتفعة ومفاجئة، أو سماع صوت انفجار في الرأس أثناء النوم أو الاستيقاظ.

– الهلوسة المرتبطة بالنوم: قد تكون هلوسة سمعية أو بصرية أو حسيّة غير واقعية تحدث عند النوم أو بمجرّد الاستيقاظ، وقد يصاحب هذه الحالة ترك  السرير للهروب من المخاوف التي يمكن الشعور بأنها واقعيّة.
– الأنين المرتبط بالنوم أو أنين النوم (Catathrenia): وهي نوبات متكرّرة من التأوّه والتنهد والهمهمة بصوتٍ مرتفع أثناء النوم.
اضطراب ممارسة السلوكيات الجنسية أو سيكسومنيا (Sexsomnia): وتتضمن ممارسة السلوكيات الجنسيّة المختلفة أثناء النوم.
– التحدث أثناء النوم: يحدث في أي وقت من النوم، وهو يتضمن كافة أشكال الحديث؛ من التمتمة إلى المحادثات الطويلة، ويكون الكلام في هذه الحالة أكثر وضوحًا خلال مرحلة النوم الخفيف، ولكنّه قد يحدث في أيْ مرحلة من مراحل النوم.

ما هي العوامل التي تحفز حدوث الخطل النومي؟

يمكن أن يرتبط حدوث الخطل النومي بالعديد من المشاكل الصحية والعوامل المحفّزة، ومن أهمّها:

– استخدام أنواع معيّنة من الأدوية، مثل: المهدئات، وأنواع من المضادات الحيوية والأدوية المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم.

– التعرّض للضغط العصبي أو الإجهاد النفسي.

– حدوث اضطرابات النوم الأخرى، كالأرق.

– الحرمان من النوم أو قِلة النوم أو عدم انتظامه لأي سبب كان.

– تعاطي الكحول أو المخدرات، أو ظهور أعراض انسحابيّة لهذه المواد.

– وجود تاريخ عائلي لاضطرابات النوم.

– الحمل أو الحيض.

– الأمراض العصبية، بما في ذلك مرض الباركنسون، والتصلب المتعدد، والسكتة الدماغية، وأورام الدماغ، والصداع النصفي.

– مشكلات الصحة النفسيّة، مثل: الاكتئاب والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة ((PTSD.

– المشكلات الطبية التي تعطل النوم، مثل: توقف التنفس أثناء النوم، أو حدوث متلازمة تململ الساق، أو التغفيق (النوم القهري)، أو اضطراب حركة الأطراف الدورية (Periodic limb movement disorder)‏.

– التهاب الدماغ أو وجود إصابة في الرأس.

– وجود الحالات المسببة للألم المزمن.

وقد يحدث الخطل النومي عند الأطفال لوجود عوامل عِدة، أهمها:

– دورة النوم والاستيقاظ لدى الأطفال لا تكون ناضجة ومكتملة.

– وجود مشاكل صحية عصبية أو نفسية لدى الطفل، مثل الصرع أو اضطراب فرط الحركة مع نقص الانتباه (ADHD).

– الإجهاد النفسي والحرمان من النوم.

– مشاكل في النمو والتطور.

ما هي أعراض الخطل النومي؟ 

يتميز كل نوع من اضطرابات الخطل النومي بعلامات وأعراض مميزة، ولكنّها قد تشترك بالآتي:

– ظهور سلوكيات لاإرادية، مثل الحركة أو الكلام أو المشي أثناء النوم، وعدم تذكرها عند الاستيقاظ.

– الاستيقاظ في حالة من الارتباك أو التشويش.

– وجود كدمات أو جروح غير مألوفة على الجسم.

– الشعور بالنعاس أو التعب أثناء النهار.

– المعاناة من صعوبة النوم خلال ساعات الليل.

كيف يتم تشخيص الخطل الليلي؟ 

عند مراجعة الطبيب المختص لتشخيص المُصاب فإنّه قد يقوم بالآتي:

– طرح العديد من الأسئلة حول الأعراض الظاهرة عليه عند النوم، وقد يطلب الطبيب من المُصاب الاحتفاظ بملاحظات حول سلوكه أثناء النوم بتسجيله من قِبل الآخرين.

– سؤاله عن التاريخ الطبيّ والعائلي للإصابة بالأمراض والاضطرابات.

– معرفة الأدوية التي يتناولها الشخص في الوقت الراهن.

– التعرّف على تاريخ تعاطي الكحول أو المخدرات لدى المصاب.

– طلب إجراء اختبارات معيّنة لتقييم اضطراب النوم، مثل: تخطيط النوم (Polysomnography)، ومخطط كهربائية الدماغ.

ما هو علاج الخطل النومي؟ 

يبدأ علاج الخطل النومي بتحديد المشاكل الصحية الأخرى التي تتسبّب في ظهور أعراضه، وعلاجها أو إيجاد الحلول المناسبة لها، وعمومًا، تختلف طبيعة العلاج في هذه الحالة باختلاف نوع الاضطراب وشِدّة أعراضه، فقد يوصي الطبيب بالآتي:

العلاج النفسي: قد يتضمّن العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavioral Therapy)، أو العلاج بالكلام، أو التنويم المغناطيسي.

– العلاج بالأدوية: يصف الطبيب الأدوية المهدئة للأعصاب لتخفيف الأعراض التي يشعر بها المصاب، ولكنْ يجب الاهتمام بعدم وقف استخدام الدواء أو البدء فيه دون موافقة الطبيب، فهو المسؤول فقط عن تحديد العلاج المناسب لكل حالة ومدّة استخدامه.

نصائح لمن يعاني الخطل النومي

يوصى باتباع عادات نوم صحية في حالا الخطل النومي، أهمها:

– الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلًا (من 7-9 ساعات نوم يوميًّا).

– تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ، بحيث يكون الذهاب إلى الفراش والنهوض صباحًا في الموعد ذاته يوميًّا.

– تجنب الدخول في حوارات أو نقاشات عنيفة قبل موعد النوم.

– توفير الأجواء الهادئة والباردة في الغرفة عند النوم.

– ممارسة الاسترخاء قبل النوم، قد تساعد تمارين التنفس العميق في ذلك، أو التأمل، وتمارين الإطالة، والصلاة.

– إطفاء الأنوار والأجهزة الالكترونية، وتجنب التعرض لها قبل النوم.

– تجنب تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين قبل موعد النوم، أو ممارسة التمارين الشديدة في هذا الوقت.

– تجنب تعاطي الكحول أو العقاقير المخدّرة أو التدخين.

– الابتعاد عن تناول وجبات كبيرة من الطعام قبل موعد النوم.

– تناول الأدوية بناءً على تعليمات الطبيب.

ويمكن اتباع النصائح الآتية لتوفير بيئة آمنة حول الشخص الذي يعاني الخطل النومي، وتجنب تعرّضه للضرر بسبب السلوكيات الناجمة عن الاضطراب:

– إزالة أي مواد خطرة أو حادة في غرفة النوم، وتبطين حواف السرير.

– قفل النوافذ والأبواب قبل النوم.

– استخدام وسائد أرضية أو وضع الفراش على الأرض مع وسائد إضافية.

– تثبيت أجهزة إنذار على النوافذ والأبواب في حالة الإصابة باضطراب السير أثناء النوم.

– النوم في سرير منفصل لضمان عدم إيذاء الشريك في الغرفة عند ظهور السلوكيات العدوانية أثناء النوم.

– استخدام الأكواب أو زجاجات الماء البلاستيكية عند وضع الماء بجانب السرير.

اطلب المشورة الطبية إذا كنت تُعاني أنت أو أحد من أفراد أسرتك من إحدى اضطرابات النوم المزعجة، خاصةً إذا أصبحت تؤثر على جودة النوم أو تعرضك أو أحبابك للإصابات الخطِرة، إذْ يقدم لك الطبيب المختص العلاج والحلول الأنسب لحالتك.

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى

المراجع:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Scroll to Top