اليقظة الذهنية (Mindfulness)

ما هي اليقظة الذهنية?

ترتبط اليقظة الذهنية بأفكار بوذية قديمة وثيقة الصلة بالحياة اليوم. تُعرّف اليقظة الذهنية بأنها مفهوم بسيط للغاية وتعني تركيز الانتباه بطريقة معينة تشمل: التركيز عن قصد والتركيز على اللحظة الحالية وعدم إصدار الأحكام مما يزيد الوعي والوضوح وتقبل الواقع الحالي.

لا تتعارض اليقظة الذهنية مع أي معتقدات أو تقاليد أو ممارسات دينية أو ثقافية أو علمية حيث أنها ببساطة طريقة عملية لملاحظة الأفكار والأحاسيس الجسدية والمناظر والأصوات والروائح في البيئة المحيطة وأي شيء قد لا يلاحظه الإنسان عادةً. قد تكون مهارات اليقظة الذهنية بسيطة ولكن نظرًا لاختلافها عن طريقة التفكير الطبيعية فإنها تتطلب الكثير من التدريب.

يتمتع الحيوانات والأطفال بقدرات بارعة فيما يخص اليقظة الذهنية في اللحظة الحالية. قد يخرج الشخص البالغ إلى الحديقة وينظر حوله مُفكرًا: ” يحتاج هذا العشب إلى القص وتبدو رقعة الخضروات تلك غير مرتبة للغاية”، بينما سيلاحظ الأطفال النمل أو الزواحف الأخرى على الأرض.

تشير اليقظة الذهنية ببساطة إلى ملاحظة ما لا يلاحظه المرء عادةً لأن عقله مشغول جدًا في المستقبل أو في الماضي – إما يُفكر فيما يتعين عليه القيام به أو مراجعة ما فعله.

الاتصاف باليقظة الذهنية يساهم في تدريب الانتباه حيث تتجول عقول البشر بلا هدف خلال حوالي 50٪ من الوقت ولكن في كل مرة يتدرب فيها المرء على اليقظة الذهنية فإنه يُدّرب “عضلات” انتباهه ويصبح أكثر لياقة ذهنيًا. يمكن للمرء التحكم بشكل أكبر في تركيز انتباهه واختيار ما يُركّز عليه، بدلاً من السماح لما يزعجه بالسيطرة على انتباهه وأخذه بعيدًا عن اللحظة الحالية. يمكن وصف اليقظة الذهنية ببساطة بأنها اختيار وتعلّم كيفية التحكم في تركيز الانتباه والاتصاف بالانفتاح والمرونة.

الطيار الآلي

يقود المرء سيارته أحيانًا لمسافة طويلة وكأنه طيار آلي، أي دون أن يُدرك حقًا ما يقوم به. وعليه، لا يكون المرء حاضرًا بالفعل لحظة بلحظة في معظم أوقات حياته لدرجة أنه قد يقطع أميالًا دون أن يدرك ذلك.

ضمن وضع “الطيار الآلي” يتم الضغط على “الأزرار”: أي الأحداث المحيطة والأفكار والمشاعر والأحاسيس في العقل (التي قد لا نُدركها إلا بشكل خافت) مما يؤدي إلى إثارة عادات التفكير القديمة التي غالبًا ما تكون غير مفيدة وينتهي ذلك بتدهور الحالة المزاجية.

إن تعزيز الوعي بالأفكار والمشاعر والأحاسيس الجسدية من لحظة إلى أخرى يساهم في منح النفس قدر أكبر من الحرية والاختيار حيث أنه لا يتعين على الشخص الخوض مجددًا في نفس “الأخاديد العقلية” القديمة التي تسببت بمشاكل في الماضي.

لا يمكن للإنسان أن يكون “يقظًا ذهنيًا” طوال الوقت حيث يتقن الكلاب والأطفال الصغار ذلك بشكل أفضل من البالغين بطبيعة الحال! تشير الأبحاث إلى أن العقل يتجول على الأقل 50٪ من الوقت. تجدر الإشارة إلى أنه لا بأس بتجوّل العقل، لكن يجب أن يكون المرء قادرًا على ملاحظة تجوّل العقل في الأشياء غير المفيدة ثم اختيار تركيز انتباهه على أمور أخرى حتى لو لفترة قصيرة.

عقل يقظ أم عقل ممتلئ؟؟

نشاط اليقظة الذهنية

عند غسل الصحون كل مساء، كنتُ أميلُ إلى الغرق في “التفكير داخل رأسي” خلال غسلي الصحون. كنتُ أفكر بما عليّ فعله أو ما فعلته في وقت سابق من اليوم أو أقلق بشأن الأحداث المستقبلية أو أفكر بأفكار مؤسفة تتعلق بالماضي. سمعت ابنتي الصغيرة تقول: “استمعي إلى تلك الفقاعات يا أمي. إنها ممتعة!” لقد ذكرتني بأن أكون يقظة أكثر. لقد أصبح غسل الصحون نشاط يقظة روتيني بالنسبة لي. ألاحظ درجة حرارة الماء وأشعر بها على بشرتي واستشعر بملمس الفقاعات على جلدي واستمع لصوت الفقاعات واختفائها بهدوء ولصوت الماء وأنا أخرج وأضع الأطباق في الماء، كما أصبحت انتبه لنعومة الأطباق وملمس الإسفنجة. كنتُ فقط أحاول ملاحظة ما قد لا ألاحظه عادة.

المشي بشكلٍ يقظٍ ذهنيًا يجلب المتعة. إن المشي شيء يفعله أغلب الناس في وقت ما خلال النهار، لذا يمكنك التدرب حتى ولو لبضع دقائق في كل مرة على المشي مع الاستمتاع باليقظة الذهنية، فبدلًا من الغرق بالأفكار “في الرأس” يمكنك النظر حولك وملاحظة ما تراه وتسمعه وتشعر به أو ملاحظة الأحاسيس الجسدية فقط من خلال فعل المشي. يمكنك ملاحظة الأحاسيس الجسدية وحركة أقدامك وذراعك ورأسك أثناء قيامك بكل خطوة وملاحظة تنفسك. ستتطفل الأفكار باستمرار لكن يمكنك ملاحظتها فقط ثم إعادة الانتباه إلى المشي.

كلما تدّربت على ذلك أكثر، ستلاحظ في البداية أن تلك الأفكار ما زالت تتطفل عليك ولكن لا بأس بذلك. يتمثل الهدف الوحيد لنشاط اليقظة الذهنية في إعادة تركيز انتباهنا باستمرار إلى النشاط الذي نقوم به وملاحظة تلك الأحاسيس من الخارج والداخل.

ما أهمية اليقظة الذهنية؟

  • فكّر بالموقف الذي يتضمن أكبر قدر ممكن على الإطلاق من الضيق كنتَ قد عانيت منه سابقاً أو من المحتمل أن تتعرض له. هل هذا الوقت في الماضي؟ أم متوقع في المستقبل؟
  • الآن، في هذه اللحظة بالذات، هل تعاني من أكبر قدر ممكن على الإطلاق من الضيق أو يحتمل أن تعاني من ذلك الآن؟
  • إذا لم يكن الأمر كذلك، عليك استخدام هذا كسبب جيد لتعلم اليقظة الذهنية – تركيز انتباهنا في هذه اللحظة الحالية بالذات.

*** تم إعداد المحتوى بالتعاون مع Getselfhelp.co.uk

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Scroll to Top