تنظيم النوم في رمضان


تعدّ مشكلات النوم واحدةً من أكثر من المشكلات الشائعة خلال شهر رمضان المبارك، لذلك نجد أنّ الكثيرين يعانون من صعوبة الاسترسال في النوم، أو يعانون من عدم توفّر الوقت الكافي والمناسب للنوم، بالطبع لا يتعلّق الأمر بالصيام نفسه، وإنّما يتعلّق بتغيير روتين ونمط الحياة خلال شهر رمضان، وفي هذا المقال سنتعرف أكثر حول مشاكل النوم في رمضان وكيفية تنظيمة.

 

أسباب اضطراب النوم في رمضان

الحصول على النوم الكافي يسهم في المحافظة على الصحّة والعافية والقدرة على العمل بشكلٍ جيّد طوال اليوم، ولكن، قد يحدث اضطراب في النوم في شهر رمضان لأسبابٍ عديدة، منها:

  • الأكل بكميات كبيرة على الإفطار أو على السحور، والتركيز على تناول الأطعمة الحارّة والأطعمة الغنيّة بالسكريّات والدهون، ففي هذه الحالة ينشغل الجسم في هضم الطعام أثناء النوم، وقد تتسبّب هذه العادة أيضًا في المعاناة من الحموضة أو الارتداد المريئيّ المزعج عند الاستلقاء للنوم، وبالطبع ستكون هذه المشكلات كفيلة أن تؤثر على جودة النوم ليلًا، عدا عن أنّ تناول كميات كبيرة من الطعام في ساعات الليل قد يسهم في رفع درجة حرارة الجسم، وهذا قد يؤثّر بدوره على النوم. 
  • كثرة الانخراط في الأنشطة الاجتماعيّة والزيارات والتواصل مع العائلة والأصدقاء طيلة أيام شهر رمضان، والذي يستمرّ في كثيرٍ من الأحيان إلى ساعاتٍ متأخّرة من الليل، ممّا يدفعك إلى السهر وعدم القدرة على الاسترسال في النوم رغم وجود الكثير الالتزامات والأنشطة والأعمال التي تنتظرك في صباح اليوم التالي، فهذه المشكلة من شأنها أن تزيد الحرمان من النوم خلال شهر رمضان.
  • الانخراط في العبادات والقيام في ساعات الليل ومحاولة استغلال الوقت في التقرب إلى الله وكسب الأجر قد يعني لدى البعض عدم النوم كليًّا خلال ساعات الليل.
  • تغيير العادات ونظام الحياة الذي تفرضه الدولة، كتقصير عدد ساعات العمل، وتأخير وقت بدء الدوام والعمل، والإبقاء على المراكز والمحلات التجاريّة مفتوحة حتى وقتٍ متأخر من الليل.
  • تغيير نظام ممارسة التمارين الرياضيّة في رمضان، فأحيانًا يتجنّب الصائم ممارسة الرياضة في رمضان، وهذا ما قد   يُخسره فوائد التمارين والأنشطة في تعزيز النوم، فالرياضة خلال النهار تسهم في إفراز هرمون الإندورفين الذي يحسّن المزاج، كما أنّها قد تساعد على النوم جيدًا ليلًا.

 

هل يختلف تأثير شهر رمضان على نومك في كلّ عام؟

أجل، يختلف تأثير شهر رمضان على نظام النوم من سنةٍ للأخرى، ويرتبط ذلك غالبًا بطول مدّة الصيام خلال اليوم، فمثلًا، تكون مدّة الصيام أطول في حال بدأ رمضان في فصل الصيف مقارنةً بمدّة الصيام في حال بدأ رمضان في فصل الشتاء، ويترتّب على ذلك عدد ساعات أقصر خلال الليل عندما يبدأ رمضان في فصل الصيف، ومن جانبٍ آخر، فإنّ اختلاف المناخ وتغير درجات الحرارة قد تدفع الشخص إلى النوم خلال ساعات النهار، الأمر الذي يؤثر على نومه ليلًا، أي أنّ طول مدّة الليل وتأثير درجات الحرارة يترتّب عليها تأثير رمضان بطريقة مختلفة قليلًا على النوم في كلّ عام.

 

أثر اضطراب النوم في رمضان 

قلّة النوم أو الحرمان من النوم قد يكون له أثر كبير على صحتك الجسديّة العامّة والساعة البيولوجيّة، ومن أبرز الآثار السلبيّة لمشكلات النوم في رمضان:

  • اضطراب المزاج والمعاناة من الصداع، فأي تغيير في نمط النوم قد يتسبّب في اختلال النَّظْم اليوماوي أو النظم الليلي النهاري (Circadian rhythm)، وهذا قد يكون سببًا في اضطراب المزاج، والشعور بالتوتر والقلق، وسرعة العصبيّة، والصداع، وأحيانًا تتسبّب في إثارة أعراض الشقيقة.
  • تأثُّر الإدراك، إذ يُعرف بأنّ الحصول على الراحة اللّازمة والنوم الجيّد يساعد على التفكير بصفاءٍ ووضوح، والاحتفاظ بالمعلومات والقدرة على استردادها، وامتلاك القدرة على اتّخاذ القرارات، أمّا قِلة النوم، فهي قد تكون سببًا في إعاقة القدرة على التركيز والانتباه الكامل، ومواجهة صعوبة في القدرة على حلّ المشكلات، وبطء ردة الفعل.
  • زيادة الوزن، إذ ينجم عن قِلّة النوم حدوث اضطراب في مستوى الهرمونات المسؤولة عن السيطرة على الجوع والشهيّة للأكل، كما وتؤثر قِلة النوم أيضًا على اتّخاذ القرار بشأن طبيعة الأكل المرغوب بتناوله، لذلك يميل البعض إلى اشتهاء تناول المأكولات التي تحتوي على نسب مرتفعة من السكريات والدهنيّات، وهذا أيضًا قد يسهم في اكتساب الوزن الزائد في رمضان.   

 

مرضى السكري ومشكلات النوم في رمضان

يُشار دائمًا إلى أهميّة التزام مرضى السكري بالحصول على قسطٍ كافٍ من النوم والراحة خلال شهر رمضان المبارك؛ بهدف منع إهدار الطاقة خلال ساعات الصوم، الأمر الذي يسهم في الوقاية من انخفاض سكر الدم رغم استخدام العلاج واتّباع الطرق السليمة للسيطرة على سكر الدم لدى هذه الفئة من المرضى، وتجدر الإشارة إلى أنّ مرضى السكري قد يعانون من مشكلات النوم في رمضان أكثر من غيرهم لسببٍ إضافي أيضًا، هو انخفاض مستوى سكر الدم بشِدة أثناء فترة النوم.

لهذا السّبب غالبًا ما يناقش الأطبّاء مع مرضى السكري -خاصةً أولائك الذين يستخدمون حقن الإنسولين- أهميّة الأخذ بعين الاعتبار موضوع نقص سكر الدم الليليّ عند وضع الخطّة الغذائيّة وتعديل أو تنظيم الأدوية خلال شهر رمضان.

 

نصائح لتنظيم النوم في رمضان

احرص على الالتزام بمجموعة من النصائح لتنظيم النوم في رمضان وتجنّب المشكلات التي قد تترتّب على قِلة النوم:

  • الحرص على نوم عدد ساعات لا يقل عن 8 ساعات يوميًّا، وفي هذا السياق يُذكر بأنّ الاهتمام بنوم ساعات متواصلة دون تقطيع أفضل من النوم المتقطّع الذي يوزّع خلال اليوم على فترات عِدة، بمعنى آخر، يُفضّل النوم 4 ساعات على الأقل في الفترة بين الإفطار والسحور، ويمكن إكمال النوم بضع ساعات بعد السحور، ويمكن أخذ قيلولات قصيرة خلال النهار في حال كان من الصعب نوم 8 ساعات كما ذكرنا سابقًا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن لا تزيد مدّة القيلولة عن 20 دقيقة؛ لتجنّب الشعور بالتعب بعد الاستيقاظ، وعدم التأثير على النوم ليلًا، فالعشرون دقيقة كافية لإعادة شحن الطاقة من جديد.
  • الاستيقاظ مبكّرًا والتعرّض لأشعّة الشمس التي تبثّ الطاقة والنشاط في الجسم.
  • ممارسة الأنشطة والتمارين الرياضيّة المتناسبة مع الصيام، فالنشاط والحركة في ساعات النهار تسهم بشكلٍ كبير في تسهيل النوم، وتحسين جودته، والإحساس بالإيجابيّة خلال اليوم.
  • تنظيم مواعيد النوم والاستيقاظ وتحديدها بدِقّة للمساعدة على تنظيم الساعة البيولوجيّة في الجسم، والتمكّن من النوم براحة وسلام.
  • ضبط وقت النوم، إذ يمكن ذلك بمحاولة تقديم موعد الخلود إلى النوم ساعة واحدة يوميًّا قبل موعد النوم المعتاد، والاستمرار على هذا النحو إلى حين الوصول إلى وقت النوم المعتاد تدريجيًّا، والانتظام عليه.
  • ممارسة تمارين الاسترخاء في ساعات الليل يوميًّا، إذ تساعد هذه التمارين على تهيئة الجسم والعقل للنوم.
  • اختيار النوم في غرفة مظلمة وهادئة، وتكون درجة الحرارة فيها مناسبة.
  • الابتعاد عن استخدام الأجهزة الالكترونيّة قبل موعد النوم، ومحاولة عدم تشغيلها في الغرفة، إذ تتسبّب شاشات هذه الأجهزة في تعكير النوم واختلاله. 
  • محاولة الحدّ من استهلاك الأطعمة والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، والابتعاد عن التدخين قدر المستطاع، إذ أنّ الكافيين والتدخين قد يؤثّران على جودة النوم.
  • مراقبة نوع الأكل الذي يُؤكل في رمضان، أي يجب الابتعاد عن تناول الوجبات الثقيلة التي تحتوي على نسبة مرتفعة من السكريات أو الدهون بعد الإفطار، كذلك الأطعمة الحارّة جدًّا التي قد تكون سببًا في إثارة حرقة المعدة وتجمّع الغازات في البطن.

 

احرص على الالتزام بالنصائح التي تساعدك على تنظيم نومك خلال الشهر الفضيل حتى يتسنّى لك الاحتفاظ بطاقتك وقدرتك على أداء الأنشطة جنبًا إلى جنب مع قدرتك على أداء العبادات وقيام الليل وقراءة القرآن، لا تؤجّل التزامك في تنظيم نومك وأسلوب حياتك حتى وإن قارب شهر رمضان على الانتهاء. 

 

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى 

 

المراجع:


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Scroll to Top