صداع القلق (Anxiety Headache)

عندما نشعر بالقلق الشديد لمواجهتنا مشكلة أو موقفًا معيّنًا، فإننا غالبًا ما نشعر ببعض الخوف أو الانفعال مع عدم القدرة على الشعور بالهدوء والراحة بسبب هذا القلق الذي يتملّكنا في تلك اللحظة، كما أننا قد نلاحظ ظهور بعض الأعراض المزعجة على أجسادنا، كالشعور بالإعياء والتعب، واضطراب المعدة، وتسارع التنفّس أو صعوبته، وهو ما قد يلاحظه الآخرون علينا، فضلًا عن الصداع الذي يعاني منه البعض كأحد الأعراض الجسديّة المصاحبة للقلق، فما هو هذا الصداع وما هي أسبابه؟ وهل يمكن التخلص منه؟

 

ما هو صداع القلق (Anxiety Headache)؟

صداع القلق (Anxiety Headache) هو الصداع الذي يكون مصحوبًا بمشاعر القلق، إمّا لأنّ الصداع يسبّب القلق، أو لأنّ القلق يحفز الشعور بالصداع، وعلى الرغم من أن العلاقة بينهما غير مفهومة بشكل تام، إلا أن هناك بعض المحاولات العلمية لفهمها وتفسيرها، فعلى سبيل المثال ربطت إحدى النظريات حدوث الصداع والقلق في آنٍ واحد بتأثير الناقل العصبي السيروتونين (Serotonin) على خلايا الدماغ التي تتحكّم بالمزاج والشعور بالألم وتنظيم النوم، فحسب هذه الدراسة لوحظ أنّ المصابين بالشقيقة تزداد لديهم فعالية ونشاط هذه الخلايا، ممّا يؤثر على مستويات السيروتونين وتحفيز الإصابة بالقلق. 

 

ما هي أعراض صداع القلق (Anxiety Headache)؟

يعدّ صداع التوتر (Tension headaches) وصداع الشقيقة (Migraine headache) والصداع العنقودي (Cluster headache) من الأنواع الشائعة للصداع المصاحب لاضطراب القلق، ولكلٍّ نوع منها أعراض معيّنة تميزه عن الأنواع الأخرى، وتختلف في كيفيتها وشدتها كما يتضح فيما يلي:

 

  • أعراض صداع التوتر (Tension headaches)

يتطوّر صداع التوتر بسبب القلق والتوتر، وقد تستمرّ أعراضه لعدّة ساعات أو أيامٍ عِدّة، ولكنّها تتحسّن أحيانًا بسرعة وخلال فترة قصيرة، ويظهر صداع التوتر على صورة واحدة أو أكثر من الأعراض الآتية:

  • شعور بضغط خلف العينين.
  • شدّ في عضلات العنق والأكتاف.
  • ألم يتراوح بين الخفيف والمتوسّط، وعادةً ما يظهر في كِلا جانبيّ الرأس.
  • الشعور بألم عند لمس فروة الرأس.
  • الشعور بضغط كما لو أنه رباط ملفوف حول الرأس.
  • عدم تفاقم الألم مع ممارسة الأنشطة الجسديّة، لذلك نادرًا ما يُمنع الأشخاص من الانخراط في ممارسة الأنشطة اليوميّة الاعتياديّة.

 

  • أعراض صداع الشقيقة (Migraine headache)

يحدث في بعض الحالات أن يعاني الشخص من صداع الشقيقة إلى جانب القلق، والذي قد يصعب تمييزه عن صداع التوتر، ويُذكر بأنّ صداع الشقيقة قد يستمر لأيامٍ عِدّة إذا لم يُستخدم العلاج الملائم للسيطرة عليه، كما أنّه قد يعيق الانخراط في الأنشطة اليوميّة، ومن أعراضه:

  • وجود ألم في أحد جانبيّ الوجه أو الرأس، أو في إحدى العينين، وفي مؤخرة الرأس، والأجزاء الأخرى.
  • ألم نابض أو خفقان شديد وحادّ.
  • رؤية بقع أو ومضات من الضوء.
  • زيادة الحساسيّة للأنوار، أو الأصوات، أو الروائح القويّة.
  • المعاناة من وخز في الذراع، أو الساق، أو الوجه.
  • ضبابيّة الرؤية.
  • المعاناة من التقيؤ والغثيان.
  • الشعور بالإغماء أو الدوخة.

 

  • أعراض الصداع العنقودي (Cluster headache)

من المحتمل أن يظهر صداع القلق على صورة صداع عنقودي (Cluster headache)، ومن أعراضه:

  • ألم شديد وقوي.
  • استمرار كل نوبة من الألم مدّة 15 دقيقة إلى عِدة ساعات، وقد تحدث عِدة نوبات صداع عنقودي في اليوم الواحد.
  • تدميع العينين.
  • تعرّق الوجه.
  • سيلان الأنف.

 

ما هي أسباب ومثيرات صداع القلق (Anxiety Headache)؟

كما ذكرنا سابقًا، فإنه يصعب تحديد إن كان القلق هو مسبّب حدوث الصداع، أو إذا كان الصداع هو سبب القلق، فقد توصّلت بعض الدراسات إلى أنّ من يعانون من الصداع المزمن يعانون أيضًا من القلق، ووجدت دراسات أخرى أنّ الأطفال الذين يعانون من القلق هم أكثر عرضة للإصابة بالصداع.. ولكن -بشكلٍ عام- قد يعاني الشخص المصاب بالقلق من الصداع بسبب تعرضه لمثيرات ومحفزات للصداع، مثل:

  • تثبيت رأسه في وضعيّة تتسبّب في شدّ الرقبة والشعور بالألم فيها.
  • الكزّ على الأسنان والصرير.
  • مضغ العلكة. 
  • التوتر الشديد، فالتوتر يعدّ من محفّزات حدوث الصداع.
  • عادات النوم السيئة، فالقلق يعيق الاسترسال في نومٍ عميق، وهو من المحفّزات الشائعة لنوبات الشقيقة.
  • الإفراط في تناول المشروبات الكحوليّة.
  • الإفراط في تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين، أو التقليل من استهلاكها بصورة مفاجئة.
  • التغيرات الهرمونيّة، كالتي تحدث خلال الدورة الشهريّة، أو بسبب تناول أنواع معيّنة من الأدوية التي تؤثر على مستويات هرمونات الجسم.
  • التغير البارومتري (Barometric changes)، وتأثر الجسم بتغيرات الضغط الجوي.
  • إجهاد العين.
  • يؤثر تغير مستويات السيروتونين في الدماغ على الصحة النفسيّة والجسدية، فانخفاض مستوياته قد تحفّز نوبات الصداع بسبب انقباض الأوعية الدمويّة أو إنتاج الببتيدات العصبية (Neuropeptides).
  • زيادة الحساسيّة للألم، إذ يتولّد لدى البعض حساسيّة زائدة للألم، وهو ما يجعل احتماليّة الشعور بالألم والصداع أكبر.

 

متى يجب مراجعة الطبيب في حالات صداع القلق (Anxiety Headache)؟

يعتقد كثير من الناس أن الصداع أمر بسيط ولا يستدعي مراجعة الطبيب، ولكنه إن وصل إلى مرحلة أن يعيق إنجاز المهامّ اليوميّة فلا بد من تدخل طبي سريعًا.. كما يجب مراجعة الطبيب في أقرب فرصة ممكنة إذا كان الصداع المصاحب للقلق شديدًا ومتكرّرًا، أو إن كان لا يتحسّن مع الوقت وإنّما يزداد سوءًا.. ولا بد من عرض المشكلة على الطبيب على الفور إن بدأت مشكلة صداع القلق بعد التعرّض لإصابة على الرأس، أو إن صاحبه صعوبة في الكلام، أو حمّى، أو ارتباك، أو تيبّس في الرقبة..

 

كيف يعالج صداع القلق (Anxiety Headache)؟

في موعد زيارة الطبيب، يجب مناقشته وإخباره عن كافّة الأعراض والتفاصيل المتعلّقة بهذا الصداع إن أمكن ذلك، بالإضافة إلى إخباره حول التاريخ الطبّي الكامل، حتى يتمكّن من وضع خطّة علاجيّة مناسبة للسيطرة على الأعراض، والتي قد تتضمّن واحدة أو أكثر من الطرق التالية:

  • العلاج الدوائي

لتخفيف أعراض الصداع، يمكن تناول مسكنات الألم التي تصرف دون الحاجة لوصفة طبيّة، وقد يصِف الطبيب أنواع معيّنة من الأدوية التي تخفّف من ألم صداع الشقيقة وصداع التوتر، إذ تساعد هذه الأدوية على رفع مستوى السيروتونين في الدماغ، وتقليل الالتهاب وقبض الأوعية الدمويّة، وهذا ما يجعلها مناسبة لتخفيف الألم.

كما يصِف الطبيب في بعض الحالات نوعًا أو أكثر من الأدوية التي قد تسيطر على القلق وتخفّف الصداع في الوقت ذاته، مثل مضادات الاكتئاب الحلقيّة، ومضادات القلق، ومثبطات أكسيداز أحادي الأمين، وفي هذه الحالة يستمرّ الطبيب بإجراء فحص دوري للتأكد من فعاليّة الدواء، وعدم تفاقم أعراض الصداع، ومن جانبٍ آخر، قد تساعد المرخيات العضليّة، على الوقاية من بعض أنواع صداع التوتّر وتقليل إمكانية تكرار حدوثها.

  • العلاج النفسي

يساعد تلقي العلاج النفسي على تخفيف القلق وتقليل ظهور الأعراض المصاحبة له كالصداع، ومن أهم طرق العلاج النفسي للقلق، ما يعرف بالعلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy)، وهو الأسلوب العلاجي الذي يساعد على معرفة نمط الأفكار السلبيّة التي تثير مشاعر القلق، والتمكّن من مواجهتها والتعامل معها بطرق سليمة. 

  • علاجات بديلة

كاستخدام العلاج بالإبر، والذي ينطوي على استخدام إبر رفيعة توضع في نقاط معيّنة في الجسم بهدف تخفيف الألم والانزعاج، كما يساعد الارتجاع البيولوجي (Biofeedback) على معرفة وقت حدوث التوتر، ومحاولة السيطرة عليه، والتركيز على إرخاء المنطقة المشدودة، وبالتالي تخفيف تكرار نوبات الألم والصداع.

 

كيف يمكن تخفيف آلام صداع القلق (Anxiety Headache)؟

يمكنك تخفيف صداع القلق باتّباع مجموعة من الخطوات المختلفة، كمحاولة استخدام الكمادات الدافئة أو وسادة التدفئة (Heating pads) لوضعها على الكتفين والعنق، بهدف تخفيف الشدّ الذي يعانيه الشخص ويسبّب له الصداع، كما يعمل الحمام الدافئ والاسترخاء في غرفة هادئة على تخفيض مستويات القلق مما يؤثر إيجابًا على ألم الصداع.. ولأن القلق يظهر أحيانًا على عضلات الكتفين والرقبة، فقد يساعد تدليكها بلطفٍ شديد بالشعور بالراحة.. ولا بد بالطبع من الامتناع عن التدخين أو تناول المشروبات الكحوليّة.

كيف يمكن تقليل احتماليّة الإصابة بصداع القلق (Anxiety Headache)؟

لتقليل احتمالية الإصابة بصداع القلق قد يساعد تغيير نمط الحياة اليومية وتحويلها لحياة صحية، فهذا النمط من الحياة يؤثر بشكل كبير على القلق ويعزز من قدرة الجسد على التعامل مع المتغيرات النفسية والجسدية، ومن السلوكات التي تقود إلى نمط حياتي صحي:

  • التقليل من استهلاك المشروبات التي تحتوي على الكافيين قدر الإمكان.
  • تغيير الروتين اليوميّ وتجربة القيام بأشياء جديدة.
  • أخذ فترات من الراحة وعدم القيام بأيّة أعمال خلالها، ومحاولة تهدئة النفس والجلوس في مكان مريح بعيدًا عن ضوضاء الحياة.
  • تشجيع النفس على التقدّم والإنجاز باستخدام الجمل التحفيزيّة الإيجابيّة، فالإيجابية تساعد على مقاومة الأفكار السلبيّة في المواقف التي تزيد من الضغط النفسيّ.
  • عدم القلق بشأن أشياء يصعب التحكّم بها والسيطرة عليها.
  • اتّباع تعليمات الطبيب أو الصيدلاني حول كميّة المسكنات التي يمكن تناولها، فالإفراط في أخذ مسكنات الألم قد يتسبّب في تكرار ظهور الصداع.
  • ممارسة تمارين الاسترخاء، كالتنفس العميق، واليوغا، والتأمل، وغيرها، لمحاولة التقليل من الضغط والتوتر النفسي.
  • ممارسة التمارين الرياضيّة بانتظام، واختيار التمارين التي تزيد من سرعة نبضات القلب.
  • تناول وجبات صحيّة، وبالأخص تلك التي تحتوي على كميّة كافية من الخضروات والفواكه والحبوب الكاملة.
  • الحصول على القدر الكافي من النوم والراحة يوميًّا.
  • الحفاظ على وضعيّة مناسبة وسليمة أثناء القراءة أو العمل أو القيام بأيّة أنشطة ومهام مختلفة تتطلب الجلوس لساعات طويلة.
  • تغيير وسادة النوم أو وضعيّة النوم لتكون مريحة أكثر ولا تسبّب آلامًا قد تنتهي بصداع في الرأس.
  • طلب المساعدة من العائلة أو الأصدقاء للتمكّن من تخطّي المهامّ اليوميّة الصعبة التي تتم مواجهتها في المنزل أو في العمل.

 

يعدّ صداع القلق من المشكلات الشائعة والمتكرّرة، والتي يمكن السيطرة عليها وتخفيف أعراضها باتباع خطّة علاجيّة يضعها الطبيب المختصّ استنادًا إلى الأسباب الكامنة وراء حدوثها، لذلك لا يجب التردّد في طلب المساعدة الطبيّة في حال بدأت المعاناة من صداع القلق الذي يؤثر على إنجاز الأنشطة اليوميّة وجودة الحياة، مع محاولة توضيح كافّة تفاصيل الأعراض للطبيب حتى يتمكّن من تقديم أفضل مساعدة ممكنة.

 

*** تمّت الكتابة والتدقيق من قِبَل فريق إعداد المحتوى        

 

المراجع:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Scroll to Top