ما هو التنمر الالكتروني و كيف نتعامل معه؟

  • أحدثت وسائل التواصل الاجتماعي في العقدين الماضيين ثورة نوعية في حياتنا حيث أنها سهلت من سبلِ التواصل التي لم تكن ممكنة في الماضي، و فتحت أبواب المعرفة على مصراعيها. لكن هذه التغييرات المتسارعة استحدثت معها مجموعة من المشاكل التي لم تكن موجودة من قبل، و فاقمت مشاكل أخرى. تعرّف على التنمر الالكتروني في هذا المقال.

    • ما هو التنمر الالكتروني؟

    التنمر الالكتروني (Cyberbullying) هو التنمر الذي يحصل باستخدام الأجهزة الالكترونية؛ كالهواتف المحمولة و أجهزة  الكمبيوتر، عن طريق الرسائل أو وسائل التواصل الاجتماعي أو منصات الألعاب أو مختلف المنصات و المواقع الالكترونية التي يمكن التفاعل مع محتواها، و يكون هدفها إيذاء أو إحراج أو إخافة المستهدفين أو تشويه سمعتهم.

    و من أمثلة ما يتدرج تحت مسمى التنمر الالكتروني:

    • خطاب الكراهية؛ سواء كان موجهًا لطائفة عرقية، أو دينية، أو فكرية، أو فئة عمرية.
    • إلقاء التعليقات المسيئة و الجارحة و المخلّة للحياء و المخالفة لقيم المجتمع.
    • إرسال التهديدات و التحريض على العنف.
    • انتحال الشخصية وتشويه صورة الضحية.
    • نشر الأكاذيب و الإشاعات.
    • نشر صور محرجة و معلومات عن الشخص دون إذنه بهدف الأذية.

     

    • كيف أعرف الفرق بين المزاح و التنمر الالكتروني؟

    إن تسبب لك التعليق أو الرسالة أو أيًا كان  بالأذية فهو ليس بمجرد مزاح، و إن لم يتوقف المتسبب بالأذى و يعتذر عما بدر منه عند إخباره بأنه قد تجاوز الحدود فقد يكون ذلك تنمرًا. و هنا علينا أن نتذكر أن أساس التواصل هو الاحترام المتبادل وتقبّل الآخرين حتى و إن كان التواصل على الانترنت وليس وجهًا لوجه.

     

     

    • كيف أعرف إن كان أصدقائي يتعرضون للتنمر الالكتروني؟

    يتعرض أصدقائنا بعض الأوقات لمضايقات على وسائل التواصل الاجتماعي و يعتقدون أن باستطاعتهم التعامل مع الوضع دون اللجوء للمساعدة، لكن بعض المضايقات تتجاوز الحدود و تتحول لتنمر مما يستدعي طلب المساعدة. إن لم يطلب أصدقاؤك المساعدة على رغم حاجتهم إليها، فإليك بعض العلامات التي قد تدل على وجود مشكلةٍ ما:

    • تغيير نمط استخدام الهاتف بشكل ملحوظ، إما بزيادة الاستخدام أو نقصانه.
    • الانفعال بردود فعل عاطفية لشيءٍ ما على الهاتف بشكل مبالغ به؛ خاصةً إن كان غضبًا أو استياءً.
    • إغلاق حسابات التواصل الاجتماعي أو إنشاء حسابات جديدة.
    • تجنب الأنشطة و المحادثات الاجتماعية التي تهم الصديق.
    • تخبئه شاشة الجهاز عن الآخرين عندما يكونون بالقرب منه، وتجنب النقاش حول ما يتم فعله على الجهاز.
    • تغيير تصرفات الصديق و انطوائه و فقدان اهتمامه بمن حوله أو بنشاطاته التي يحبها.

    إن أظهر  أحد أصدقائك إحدى هذه العلامات تحدث إليه واسأله لتعرف أكثر عما يحدث معه، ثم قم بمساعدته أو دُلّه على من يستطيع المساعدة.

    • كيف أتصرف إن تعرّضت للتنمر؟
    • تحدث إلى صديق أو إلى شخصٍ بالغٍ تثق به أو إلى معالج سلوكي أو مختص.
    • وَثّق كل التنمر الذي تتعرض له؛ خُذ لقطةً للشاشة (Screenshot) يكون التاريخ واضحًا فيها.
    • قم بالتبليغ عن التنمر على وسائل التواصل الاجتماعي نفسها.
    • قم بحظر حساب المتنمر على وسائل التواصل الاجتماعي.
    • فكّر مليًّا قبل نشر أي معلومات تخصك على منصات الانترنت وبالأخص معلوماتك الشخصية السرية.
    • قم بتبليغ وحدة مكافحة الجرائم الالكترونية على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، أو البريد الالكتروني. إذا كنت في الأردن، يمكنك التواصل مع الوحدة عبر البريد الالكتروني ecrime@psd.gov.jo، أو الرقم 065633404.

     

    • ما هي تبعات التنمر الالكتروني؟

     

    • على الصحة النفسية لمن يتعرّض للتنمر الالكتروني:

    يشعر الشخص بالمعاناة و الوِحْدَة و انعدام قيمة النفس و الأرق و الإنهاك العاطفي والجسدي. بالإضافة إلى الشعور بالصداع والآلام وضعف المستوى الدراسي. تزداد هذه المشكلات سوءًا عندما تطول مدة التنمر أو يكون مصدره شخصًا مقربًا أو محلّ ثقة، و قد تتحول إلى اضطرابات نفسية بحاجة إلى العلاج كالاكتئاب (Depression) و القلق (Anxiety) و إساءة استخدام الكحول و تعاطي المخدرات و اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) واضطراب التصرف (Conduct disorder). بالإضافة إلى قيام التنمر الالكتروني بمفاقمة المشكلات النفسية التي يعاني منها الفرد من الأساس قبل تعرضه للتنمر، يحث يعزز التنمر الأفكار السلبية و الانتحارية  التي تراود الشخص مما قد يؤدي إلى الإقدام على الانتحار بالفعل. وهنا تكمن أهمية دعم العائلة و الأصدقاء، و مساعدة المعالج النفسي والطبيب النفسي لتجاوز هذه المشكلات.

    • على المجتمع:

    يضعف التنمر الروابط المجتمعية بحيث يفقد المتعرض للتنمر ثقته بمجتمعه لأن شخصًا ما –عادةً ما يكون مجهول الهوية- قد تعدّى على خصوصيته أو هويته فيبدأ بالشك بمن حوله، خاصة عندما يكون التنمر بإطار التهديد و انتحال الشخصية. و ما يزيد الأمر سوءًا هو قلة أو انعدام المسائلة القانونية و المحسوبية؛ مما يعزز تصرف المتنمر و يزيد ضحاياه و بالتالي يزيد من تفكك الروابط المجتمعية. أضف إلى ذلك، أثبتت بعض الدراسات زيادة احتمالية الإصابة بالاكتئاب و إساءة استخدام الكحول و تعاطي المخدرات عند من يقوم بالتنمر.

    • لماذا يتنمر المتنمر؟

    يعتبر التنمر آلية تأقلم غير صحية لمشكلات عاطفية أو نفسية أو ردة فعلٍ لعنفٍ أو تجارب سلبية أخرى تعرض لها الشخص في إحدى مراحل طفولته. حيث يحاول الشخص السيطرة على أحد جوانب حياته من خلال أذيّة شخصٍ أضعف منه، فيشعر بالقوة و السيطرة التي فقدها. و عادةً ما يكون هذا التصرف مكتسبًا من البيئة المحيطة به حيث يستقوي أصحابُ السُّلطة –و إن كانت سطحية أو زائفة-  حوله على الآخرين، فيتعلم أن هذا هو نظام الحياة و إن كان يريد أن تكون حياته تحت تحكّمه فعليه إخضاع من حوله.

     

    • كيف نوقف التنمر الالكتروني؟

    يحتاج الأمر لتكاثف المجتمع للقضاء على هذه التصرفات قبل تفشيها و تفاقُمها أكثر، و مساعدة أصحاب هذه التصرفات على التعرف على مشاكلهم و حلها، إضافةً إلى  مساعدة ضحايا التنمر على حلّ المشكلات التي سببها التنمر لهم، خاصةً فيما يتعلق بصورتهم الذاتية وتقديرهم لأنفسهم.

    إيقاف التنمر الإلكتروني مسؤولية مجتمعية حيث يلعب كل منا دورًا هامًا في القضاء على هذه الظاهرة.

    1. دور وسائل الإعلام:
    • زيادة الوعي حول الظاهرة و المشاكل الناتجة عنها.

     

    1. دور مؤسسات التعليم:
    • زيادة الوعي حول الظاهرة و المشاكل الناتجة عنها.
    • تعزيز التصرفات الإيجابية لدى طلابها.
    • توفير التوجيه و النصح المناسبين للتصرفات السلبية المؤذية والتصدّي لها بالشكل الصحيح.

     

    1. دور العائلة و الأصدقاء:
    • زيادة الوعي حول الظاهرة و المشاكل الناتجة عنها.
    • دعم المتعرض للتنمر و مساعدته في تخطي المشكلة.
    • توجيه و نصح المتنمر للتخلص من هذا التصرف، و حثّه على الاعتذار لمن آذى.

     

    1. دور الحكومات:
    • تشريع قوانين رادعة للتنمر الالكتروني و تطبيقها.
    • تحقيق العدالة بحق ضحايا التنمر، و توفير العلاج للمتضرّرين منهم سواء كان جسديًا أو نفسيًا.
    • استحداث برامج إعادة تأهيل؛ لتصحيح تصرفات المتنمرين و مساعدتهم على حلّ المشكلات التي أدت لهذه التصرفات.

    قد يتعرض أيّ منا للتنمر الالكتروني، و لحسن الحظ أن حلّ المشكلة بيدنا. لكن الحلّ يتطلب عملنا مع بعضنا البعض، كمجتمعٍ متماسكٍ تهمّه مصلحته و مصلحة أجياله القادمة. لذا فلنحمي بعضنا البعض و نتخلص من هذه الظاهرة قبل أن تنشر جذورها في مجتمعنا و تفكّكه.

     

    *** تمّت الكتابة والتدقيق من قبل فريق إعداد المحتوى

    المراجع:

     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Scroll to Top